تعاليم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
درس المعرفة
لقد أوجد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم نظامًا تشتمل فيه خطوطه الأصليّة على عدّة أمور. وجدتُ من بين هذه الخطوط الأصليّة، أربعة أمورٍ أساسيّة هي: المعرفة الشفافة وغير المبهمة، المعرفة بالدين، المعرفة بالأحكام، المعرفة بالمجتمع، المعرفة بالتكليف، المعرفة بالله، المعرفة بالرسول، المعرفة بالطبيعة وهي المعرفة التي أفضت إلى العلم والتعلّم وإلى إيصال المجتمع الإسلاميّ نهاية القرن الرابع الهجري إلى أوج الحضارة العلميّة، فالرسول لم يسمح بالإبهام. وفي هذا المجال، آيات قرآنيّة عجيبة... كلّما وجد إبهام نزلت آية ترفعه1.
درس الأخلاق والحياة
السلوك والتعامل مع العائلة:
قليلًا ما تشاهدون أمثال هذا الإنسان بين البشر أصحاب العواطف فيما له علاقة بالحياة العائليّة2 وباعتباره والدًا، لقد كان هذا الإنسان عظيمًا ومجاهدًا ومضحيًّا في ساحات النضال، وحنونًا عطوفًا رحيمًا. قد سمعتم كيف كان يتعامل الرسول الأكرم مع الحسنين - حفيديه - وهكذا كان يتصرّف مع الأطفال الآخرين، حتّى مع الأطفال الأجانب. كان الرسول يسير نحو المسجد وكان الأطفال يلعبون في الطريق. وهناك خاطبه أحد الأطفال: إنّك يا رسول الله تأخذ الحسن والحسين على كتفيك، فخذنا نحن أيضًا. لم يمانع الرسول فقام برفع طفلٍ إلى هذا الكتف وآخر إلى ذاك، ثم أنزلهما بعد أن مشى قليلًا ثمّ طلب منه طفلان آخران أن يصعدا على كتفيه. كان يرغب أن يحمل الأطفال. وكان وقت الصلاة يأخذ بالاقتراب. وفي هذه الحالة جاء بعض الأصحاب الذين إمّا كانوا يعبرون من المكان أو جاؤوا من المسجد لتفقّد الرسول، فوجدوه يحمل الأطفال فعاتبوهم وأنزلوهم عن كتفيه وتابع الرسول مسيره إلى المسجد. هذا، نموذج عن سلوك الرسول مع الأطفال. كان في عائلته مظهر العاطفة باعتباره والدًا، إذ ليس صحيحًا أنّه إذا كنّا من أصحاب الجهاد والعمل والحركة في ساحة الحرب وتحمّل المصائب فعلينا أن نعفي أنفسنا من العاطفة والمحبة والليونة والمظاهر الإنسانيّة الطبيعيّة في الإنسان، كان الرسول في المنزل، مظهر العاطفة والمحبّة والإحساس المرهف. قرأت في روايةٍ أنّه عندما نزلت آية ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضً﴾3، أصبحوا ينادونه يا رسول الله ولا ينادونه باسمه. دخل الرسول المنزل. بمجرّد أن شاهدته فاطمة الزهراء عليها السلام قالت: يا رسول الله السلام عليكم كانت هي أيضًا تنادي الرسول بعبارة يا رسول الله احتضن الرسول ابنته ولاطفها وقال لها: يا ابنتي ناديني يا أبتي، ولا تقولي يا رسول الله! هذا أعذب عندي. عندما كان يريد السفر، كان آخر شخص يراه هو فاطمة الزهراء. وعندما كان يرجع، كان أوّل من يزور فاطمة الزهراء.
... لكنّه مع تلك العاطفة الشديدة تجاه ابنته -فاطمة الزهراء - كان يقول إنّه اذا سمع أنّها استعارت وسائل بيت المال وأدخلتها المنزل، لجازاها كما يجازي الآخرين. "إنّني لا أُغنِ عنك من الله شيئًا"4. كان مع كلّ ما يحمل من محبّة شديدة لابنته، على استعدادٍ للوقوف بوجهها إذا ناقضت العدل بتصرّفٍ ما أو إذا تجاوزت حقًّا5.
التعامل مع الناس:
عندما نقول نحن أخوة، فهذا ليس مجاملة في الإسلام، أي إنّ المسلمين حقيقةً يمتلكون حقّ الأخوة فيما بينهم وهم يطالبون بعضهم البعض، كما أنّ الأخوة مدينون بعضهم لبعض ويجب عليهم مراعاة الحقوق المتبادلة بينهم. وهذا ما طبّقه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم6.
سلوك المسؤولين مع الناس:
لقد فعل الرسول ما هو أصعب من الجميع. عندما كان يرى شخصًا قد ظهر عليه التعب في حفر الخندق (أثناء معركة الخندق)، وبدا أنّه لم يعد باستطاعته التقدّم، كان يذهب ويأخذ المعوَل منه ويبدأ العمل، أي إنّه لم يكن حاضرًا من خلال إصدار الأوامر فقط، بل كان حاضرًا بجسده بين الجموع7.
كانت إدارته الاجتماعيّة والعسكريّة في أعلى مستوياتها، فكان يلاحق كافّة الأمور. طبعًا كان المجتمع صغيرًا، المدينة وأطرافها، وبعد ذلك أضيف إليه مكّة ومدينةً أو مدينتين أخريين، إلّا أنّه كان مهتمًّا بأمور الناس وكان منظّمًا ومرتّبًا. وقد أجرى في ذاك المجتمع البدوي، الإدارة والحساب والمحاسبة والتحفيز والتنبيه بين الناس. هذه هي الحياة الاجتماعيّة للرسول التي يجب أن نقتدي بها جميعنا، من مسؤولي البلد وأفراد الشعب8.
حاولوا قدر المستطاع أن تكون إدارتكم إسلاميّة. الإدارة الإسلاميّة، تعني الأخلاق الإنسانيّة بالإضافة إلى القدرة الإداريّة. هل شاهدتم ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ﴾9؟ يطلب الله تعالى من الرسول أن يلتفت إلى هؤلاء الناس ويهتمّ بهم. بعد حرب أُحد شعروا بالهزيمة والألم، لذلك شاورهم، تعامل معهم بإحسان، ولكن ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ﴾10. الإدارة عبارة عن: الأخلاق الحسنة، القاطعيّة، والقوة الإداريّة، والتوكّل على الله في كلّ حال، وطلب الخير من خالق العالم والاعتماد عليه11.
التعامل مع المعلّمين والتلاميذ:
تلاحظون الاهتمام الكبير الذي أولته الثقافة والتعاليم الإسلاميّة للمعلّم، وتواضع الطالب أمامه. إنّ هذا الأمر مطلوب. مع العلم أنّ الإسلام لا يقبل لأيّ إنسان أن يعتبر نفسه صغيرًا وحقيرًا أمام إنسان آخر، إلّا أنّ هذا الأمر هنا من الحالات الاستثنائيّة.
ما يؤسَف له أنّ الموجود في ثقافة العالم المادّي عكس ذلك، حيث لا يرى هذا الأمر على الإطلاق، أي إنّ الثقافة التي اقتبسناها من الأوروبيّين، لا وجود فيها لاحترام المعلّم. لا نقول إنّهم كتبوا في كتبهم أن لا تحترموا المعلّم، بل لم يُلحظ في الثقافة الغربيّة عادة احترام المعلّم والتربية عليها12!
التعامل مع الجميع بمحبّة:
... حاولوا أن تحبّوا الجميع، هذا تكليف وتعليم إسلامي، ليس هذا بالأمر السيّئ. لا يجب إيجاد المبرّر للعداء، وأن يقوم الشخص بإخراج آخر من لائحة محبّته لمبرّرات معيّنة، لا! إنّ أجواء المجتمع الإسلامي، هي أجواء المحبّة حتّى لو كنتم لا تعرفون الشخص13.
التعامل مع العقائد والقيود الاجتماعيّة الخاطئة:
قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾14.
جعل الله تعالى وضع الإصر والأغلال عن أعناق البشر واحدة من خصوصيّات الرسول - الإصر تعني الالتزامات المفروضة على الإنسان - وهذا مفهوم واسع جدًّا وعجيب. لو أخذنا بعين الاعتبار وضع المجتمع الديني وغير الديني في تلك المرحلة، ستجدون أنّ هذا "الإصر" - الالتزامات والعقود المفروضة على الإنسان - يشتمل على الكثير من العقائد الباطلة والخرافيّة والكثير من القيود الاجتماعيّة الخاطئة التي فرضتها على الناس أيدي الاستبداد أو التحريف. "الأغلال" واضح وهو الغل والسلاسل15.
درس الحرب
الأهداف والدوافع:
إنّ كافّة حروب النبيّ كانت حروبًا دفاعيّة. هذا لا يعني أنّه في كافّة العمليّات كان يجلس، ليأتوا ويهجموا عليه! لا، الدفاع بهذا المعنى ليس صحيحًا. لو لم يتسلّح الرسول، لو لم يستعدّ، لولا ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ﴾16، لتمّ القضاء من الأيّام الأولى على الإسلام والقرآن والرسول والمجتمع الإسلامي، لذلك كان الرسول مجبَرًا على الحرب17.
الأصول التي يجب مراعاتها في الحرب:
من جملة وصايا الرسول في ساحة الحرب، للأشخاص الذين كانوا يذهبون للحرب، الرحمة بالنساء والأطفال، والشهامة في التعامل مع جنود العدوّ، وعدم قطع الماء عنهم، وعدم منعهم من الطعام، وقبول استسلام البعض، وقبول من ادّعى الإسلام حتّى لو كان الأمر في أوج المعركة، أي الابتعاد بالكامل عن حالة الانتقام والخشونة. كان الكفّار الذين لا يشعرون بخصومة وعداء مع الرسول، يأتون إليه، فكان عطوفًا رحيمًا معهم إلى مستوى أنّهم كان يخجَلُون من ذلك18.
... لقد وصل رسول الله هذه القلوب بعضها ببعض وأخرج منها مجموعة واحدة مُحكَمة. حتّى إنّ أعداء الإسلام من المؤرّخين الذين تبانوا على الغفلة عن التأثيرات المعنويّة في فتوحات الإسلام - سواء العرب أو الأوروبييّن الذين كتبوا تاريخ الإسلام وتاريخ الحضارة الإسلاميّة - لم يتمكّنوا من إنكار هذه المسألة، وهي أنّ المسلمين كانوا كاليد الواحدة التي فيها عدد من الأصابع يتحرّكون ويعملون كقبضة واحدة وعنصر واحد، كانوا كالعنصر الواحد الذي لا يقبل التفكيك كما تتحدّث الآية الشريفة: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾19. كأنّهم إذا أرادوا إحكام قاعدة، وضعوا الرصاص على الأساس عند ذلك لا يمكن أن تهتزّ. كان يظهر هكذا بنيان في ساحات الحرب ومواجهة العدوّ، لذلك كان النصر حليفه من دون استثناء20.
كان رسول الله قائدًا عسكريًا. وكان التنظيم العسكري في القديم يقتضي وضع القائد في مكان ليبقى بعيدًا عن الخطر. السبب في ذلك واضح، وفيه وجه معقول ومنطقي، فلو كان القائد في المقدمة ثم قُتل، عند ذلك يضطرب الجهاز العسكري بأكمله، وأمّا إذا كان في الخلف كان بإمكانه الاستمرار في المعركة حتّى لو قُتل نصف الجنود، وعلى الأقلّ بإمكانه الانسحاب والنجاة، ولكن عندما يُقتل القائد، لا تختلط الأمور فحسب، بل قد تكون الخسائر أكبر. أمّا رسول الله الذي كان يتمتّع بقوى غيبيّة فوق المعتاد، فكان يتقدّم الجميع، ليحارب عندما يصبح الأمر صعبًا وعندما يبدأ العدوّ هجومًا كبيرًا، وعندما لا يبقى باستطاعة المقرّبين أمثال أمير المؤمنين والحمزة والآخرين التحمّل والمقاومة فيلجؤون إليه21.
كيفيّة قبول الصلح:
في العام السادس للهجرة توجّه الرسول نحو مكة. لقد وعد الله تعالى رسوله بدخول مكّة وقام الرسول بدوره بإخبار الناس بذلك. جاء المسلمون على أساس أنّهم سيدخلون مكة. تجمّع الأعداء في مكانٍ يُسمّى "الحديبيّة" ومنعوهم من الحركة. أرادوا قتل المسلمين وإزالتهم بالكامل، إلّا أنّ الله تعالى حفظ المسلمين وحفظ عباده وانتهت القضيّة بكتابة صلح عُرِف بـ"صلح الحديبية". عندما كانوا يكتبون معاهدة الصلح، طلب الرسول من أمير المؤمنين أن يكتب بعد اسم محمد، كلمة "رسول الله". اعترضوا وقالوا: نحن لا نعتقد بأنّك رسول الله. وافق الرسول وطلب من أمير المؤمنين إزالة هذه الكلمة. تحدّث أمير المؤمنين إلى الرسول بأنّ قلبه لا يسمح له بإزاله هذه الكلمة، فبادر بنفسه إلى ذلك، حيث بدأ الرسول معاهدة الصلح هذه بعبارة "بسم الله الرحمن الرحيم"، التي تمثّل شعارًا إسلاميًّا. اعترض الكفار بأنّهم لا يعرفون الرحمن الذي يتحدّث عنه وطلبوا منه الشروع بعبارة "بسمك اللّهم" وهو الشعار الذي كان يستخدمه المشركون وكفّار قريش. فوافق الرسول على تدوين عبارة "بسم الله". تعجّب المسلمون ممّا آلت إليه الأمور وارتفع ضجيج بعض المسلمين الذين خاطبوا الرسول: ماذا تفعل؟ ألَسنَا على الحقّ؟ أليسوا هم على الباطل؟ ووصلت الأمور عند أحد المسلمين المعروفين ليقول بأنّه في ذاك اليوم أخذه الشكّ في نبوّة الرسول! هل تعرفون العبارات التي تحدّث بها القرآن الكريم حول هذه الحادثة؟ الآيات الأولى في سورة "الفتح" التي تقول: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينً﴾22، تشير إلى هذا الصلح. إنّ الفتح المبين الذي تحدّث عنه القرآن، هو صلح الحديبيّة، وليس حروب بدر وحنين وأُحد والأحزاب. في الحروب قبل صلح الحديبية، كان الرسول في مكان فاتحًا مطلقًا - كبدر- وفي مكان آخر تعرّض لانتكاسة - كأحد - وفي مكان ثالث قد حوصر - كالأحزاب - وانتهى الأمر في مكان آخر إلى الموادعة23، كما في بعض الحروب الأخرى. إنّ صلح الحديبيّة لم يجعل شعار حرب "بدر" و"أُحد" شعارًا خاطئًا على الإطلاق إذ أنّ الرسول لم يتراجع عن شعار الحرب مع الكفّار والمشركين، ولم يغيّر موقفه، إلّا أنّ المصلحة ذاك اليوم كانت ما حصل، كما كانت المصلحة في "بدر" ما حصل، وكذلك في "أُحد" و"الأحزاب"، هذه هي الجذور التاريخيّة لهذا العمل. تلاحظون أنّ كل شيء في تاريخ الإسلام، ينطبق على نظامٍ منطقي وواضح وفي مكانه24.
أسلوب التعامل مع المنهزمين والأسرى:
كانوا يأتون إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ببعض المسيحيّين الذين يتمّ أسرهم في بعض الحروب - سواء من القبائل العربيّة أو غير العربيّة - حيث كانوا يتأثّرون بأخلاق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما يدفعهم إلى دخول الإسلام، وقبول دين الرسول، هذه هي ليونة وعطف النبيّ25.
تنتهي الحروب إلّا أنّ التجارب تبقى. الأحداث الكبيرة تحمل دروسًا للبشريّة وسيبقى هذا الدرس في صدور وأذهان البشريّة وهو أنّ حضارة، رغم مع كلّ ما فيها ومع كلّ ادّعاءاتها، خرجت مهزومة من ساحة الامتحان من خلال الأعمال التي يمارسها هؤلاء (الأمريكيون)، من إشعال الحروب والظلم وعدم العدالة والغرور والسلوكيّات غير العاقلة. ومن أبرز تجارب هذه الحضارة، إشعال الحروب، تهديد السلام، قتل الأبرياء، صرف رساميل طائلة على الحروب تحت مبرّرات لا يمكن الوثوق بها. قارنوا بين هذه وبين الحضارة الإسلاميّة عندما فتح المسلمون المناطق الغربيّة في العالم الإسلامي- أي مناطق الروم وسوريا اليوم - في زمان الخلفاء الراشدين، حيث تعاملوا مع اليهود والمسحيّين بأسلوب جعل الكثيرين منهم يتوجّهون نحو الإسلام. وفي بلدنا إيران استسلم الكثير من الناس من دون مقاومة! لأنّهم شاهدوا مروءة ورحمة ومداراة المسلمين للأعداء، لذلك جاءوا بأنفسهم إلى الإسلام. يذكر التاريخ أنّه عندما دخل المسلمون "روما"، كان اليهود يردّدون عبارة: "والتوراة"، قسمًا بالتوراة إنّنا لم نرى يومًا جميلًا في حياتنا كهذا اليوم26.
درس العزّة
كان العلم لدى الرسول مترافقًا مع الأخلاق، الحكومة مع الحكمة، عبادة الله مع خدمة الخلق، الجهاد مع الرحمة، عشق الله مع عشق مخلوقاته، العزّة مع التواضع، التدبير اليومي مع بُعْد الرؤية، الصداقة مع العمق السياسي، استغراق الروح بذكر الله مع الاهتمام بما هو في مصلحة وسلامة البدن. كانت الدنيا والآخرة مترافقتان والأهداف الإلهيّة المتعالية مع الأهداف البشريّة الجذّابة كذلك27.
درس التعليم
ليس المسلمون وحدهم من كان يستفيد من التعاليم النبويّة. إنّ المعرفة المعاصرة في الدنيا، والحضارة المعاصرة، والمعرفة الموجودة اليوم في هذا العالم وتطوّر القافلة البشريّة، كلّ ذلك مرهونٌ لوجوده. إنّ هذا المعنى ليس ادّعاؤنا نحن المسلمون. إنّ كافّة المؤرّخين والمنصفين من الأشخاص يوافقون على أنّ ظهور الصحوة (النهضة) العلميّة في العالم الإسلامي، ساهمت في انتقالها إلى الأماكن الأخرى عن طريق التبادل وحتّى عن طريق الفتوحات والحروب28.
درس الرحمة والكرامة
يمكن تشبيه الرسول الأكرم بأكثر النجوم تلألؤًا في كائنات عالم الوجود والإشارة إلى ذاك الوجود العظيم والمقدّس بهذا العنوان. لماذا نقول النجم المتلألئ ولا نقول الشمس؟ لأنّ الشمس جسم وجرم مشخّص ومعيّن، مضيئة وذات عظمة، إلّا أنّها جرم وكرة سماويّة، في النجوم التي تشاهدونها، هناك نجوم تشكّل مجرّة، أكبر آلاف المرّات من المجرّات التي نراها فوق رؤوسنا في السماء ليالي الصيف. المجرّة أي المجموعة التي تحتوي على آلاف النجوم والآلاف من الشموس. إنّ وجود الرسول شبيه بوجود المجرّة وفيه آلاف النقاط المضيئة بالفضيلة.
درس الوحدة
باشر الرسول عمله بمجرّد دخوله المدينة، فبنى مسجدًا، ثم خطّط لإدارة وسياسة ذاك النظام، قد لا يتمّ الالتفات لو نظر الإنسان إلى كلّ واقعة على حدة، (لذلك) يجب أن يدقّق ويشاهد كيفيّة تنظيم العمل، كيف جرى القيام بكافّة هذه الأعمال، بأسلوبٍ يدلّ على التدبير والوعي والحساب الصحيح.
في البداية، تمّ إرساء الوحدة. لم يكن أهل المدينة قد أسلموا بأجمعهم، أكثرهم دخل الإسلام والبعض القليل بقي غير مسلم. فأوجد الرسول الأكرم ميثاقًا جماعيًّا عامًّا.
... الحركة الأخرى التي قام بها الرسول، هي إيجاد الأخوّة. من أهم المصائب التي ابتلى بها المجتمع العربي المتعصّب والجاهلي في ذاك الزمان، الأرستقراطيّة، والعصبيّات الخرافيّة، والغرور القبلي، وانفصال طبقات الناس المختلفة بعضها عن بعض. عندما دعا الرسول إلى الوحدة، فقد داس على ذلك كلّه29.
أفضليّة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه في أوج عالم الخلق من ناحية الشخصيّة، سواء في تلك الأبعاد التي يمكن للبشر فهمها، أمثال المعايير الإنسانيّة المتعالية: العقل، والتدبير، والوعي، والكرم، والرحمة، والعفو، والقاطعيّة والأمور الأخرى من هذا القبيل، أم في الأبعاد التي لا تحيط بها الأذهان البشريّة: الأبعاد التي تبيّن تجلّي الاسم الأعظم للحقّ في وجود الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ومقام قرب الرسول من الله تعالى، وهي الأمور التي نسمع عنها ونعلمها بالاسم والشكل فقط، أمّا حقيقتها فهي معلومة لله تعالى والأولياء العظام، كذلك رسالة ذاك العظيم التي هي أسمى رسالة وأهمّها لسعادة الإنسان، رسالة التوحيد، رسالة الارتقاء بالمرتبة الإنسانيّة30.
لقد أوجد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم نظامًا تشتمل فيه خطوطه الأصليّة على عدّة أمور. وجدتُ من بين هذه الخطوط الأصليّة، أربعة أمورٍ أساسيّة هي: المعرفة الشفافة وغير المبهمة، المعرفة بالدين، المعرفة بالأحكام، المعرفة بالمجتمع، المعرفة بالتكليف، المعرفة بالله، المعرفة بالرسول، المعرفة بالطبيعة وهي المعرفة التي أفضت إلى العلم والتعلّم وإلى إيصال المجتمع الإسلاميّ نهاية القرن الرابع الهجري إلى أوج الحضارة العلميّة، فالرسول لم يسمح بالإبهام. وفي هذا المجال، آيات قرآنيّة عجيبة... كلّما وجد إبهام نزلت آية ترفعه1.
درس الأخلاق والحياة
السلوك والتعامل مع العائلة:
قليلًا ما تشاهدون أمثال هذا الإنسان بين البشر أصحاب العواطف فيما له علاقة بالحياة العائليّة2 وباعتباره والدًا، لقد كان هذا الإنسان عظيمًا ومجاهدًا ومضحيًّا في ساحات النضال، وحنونًا عطوفًا رحيمًا. قد سمعتم كيف كان يتعامل الرسول الأكرم مع الحسنين - حفيديه - وهكذا كان يتصرّف مع الأطفال الآخرين، حتّى مع الأطفال الأجانب. كان الرسول يسير نحو المسجد وكان الأطفال يلعبون في الطريق. وهناك خاطبه أحد الأطفال: إنّك يا رسول الله تأخذ الحسن والحسين على كتفيك، فخذنا نحن أيضًا. لم يمانع الرسول فقام برفع طفلٍ إلى هذا الكتف وآخر إلى ذاك، ثم أنزلهما بعد أن مشى قليلًا ثمّ طلب منه طفلان آخران أن يصعدا على كتفيه. كان يرغب أن يحمل الأطفال. وكان وقت الصلاة يأخذ بالاقتراب. وفي هذه الحالة جاء بعض الأصحاب الذين إمّا كانوا يعبرون من المكان أو جاؤوا من المسجد لتفقّد الرسول، فوجدوه يحمل الأطفال فعاتبوهم وأنزلوهم عن كتفيه وتابع الرسول مسيره إلى المسجد. هذا، نموذج عن سلوك الرسول مع الأطفال. كان في عائلته مظهر العاطفة باعتباره والدًا، إذ ليس صحيحًا أنّه إذا كنّا من أصحاب الجهاد والعمل والحركة في ساحة الحرب وتحمّل المصائب فعلينا أن نعفي أنفسنا من العاطفة والمحبة والليونة والمظاهر الإنسانيّة الطبيعيّة في الإنسان، كان الرسول في المنزل، مظهر العاطفة والمحبّة والإحساس المرهف. قرأت في روايةٍ أنّه عندما نزلت آية ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضً﴾3، أصبحوا ينادونه يا رسول الله ولا ينادونه باسمه. دخل الرسول المنزل. بمجرّد أن شاهدته فاطمة الزهراء عليها السلام قالت: يا رسول الله السلام عليكم كانت هي أيضًا تنادي الرسول بعبارة يا رسول الله احتضن الرسول ابنته ولاطفها وقال لها: يا ابنتي ناديني يا أبتي، ولا تقولي يا رسول الله! هذا أعذب عندي. عندما كان يريد السفر، كان آخر شخص يراه هو فاطمة الزهراء. وعندما كان يرجع، كان أوّل من يزور فاطمة الزهراء.
... لكنّه مع تلك العاطفة الشديدة تجاه ابنته -فاطمة الزهراء - كان يقول إنّه اذا سمع أنّها استعارت وسائل بيت المال وأدخلتها المنزل، لجازاها كما يجازي الآخرين. "إنّني لا أُغنِ عنك من الله شيئًا"4. كان مع كلّ ما يحمل من محبّة شديدة لابنته، على استعدادٍ للوقوف بوجهها إذا ناقضت العدل بتصرّفٍ ما أو إذا تجاوزت حقًّا5.
التعامل مع الناس:
عندما نقول نحن أخوة، فهذا ليس مجاملة في الإسلام، أي إنّ المسلمين حقيقةً يمتلكون حقّ الأخوة فيما بينهم وهم يطالبون بعضهم البعض، كما أنّ الأخوة مدينون بعضهم لبعض ويجب عليهم مراعاة الحقوق المتبادلة بينهم. وهذا ما طبّقه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم6.
سلوك المسؤولين مع الناس:
لقد فعل الرسول ما هو أصعب من الجميع. عندما كان يرى شخصًا قد ظهر عليه التعب في حفر الخندق (أثناء معركة الخندق)، وبدا أنّه لم يعد باستطاعته التقدّم، كان يذهب ويأخذ المعوَل منه ويبدأ العمل، أي إنّه لم يكن حاضرًا من خلال إصدار الأوامر فقط، بل كان حاضرًا بجسده بين الجموع7.
كانت إدارته الاجتماعيّة والعسكريّة في أعلى مستوياتها، فكان يلاحق كافّة الأمور. طبعًا كان المجتمع صغيرًا، المدينة وأطرافها، وبعد ذلك أضيف إليه مكّة ومدينةً أو مدينتين أخريين، إلّا أنّه كان مهتمًّا بأمور الناس وكان منظّمًا ومرتّبًا. وقد أجرى في ذاك المجتمع البدوي، الإدارة والحساب والمحاسبة والتحفيز والتنبيه بين الناس. هذه هي الحياة الاجتماعيّة للرسول التي يجب أن نقتدي بها جميعنا، من مسؤولي البلد وأفراد الشعب8.
حاولوا قدر المستطاع أن تكون إدارتكم إسلاميّة. الإدارة الإسلاميّة، تعني الأخلاق الإنسانيّة بالإضافة إلى القدرة الإداريّة. هل شاهدتم ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ﴾9؟ يطلب الله تعالى من الرسول أن يلتفت إلى هؤلاء الناس ويهتمّ بهم. بعد حرب أُحد شعروا بالهزيمة والألم، لذلك شاورهم، تعامل معهم بإحسان، ولكن ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ﴾10. الإدارة عبارة عن: الأخلاق الحسنة، القاطعيّة، والقوة الإداريّة، والتوكّل على الله في كلّ حال، وطلب الخير من خالق العالم والاعتماد عليه11.
التعامل مع المعلّمين والتلاميذ:
تلاحظون الاهتمام الكبير الذي أولته الثقافة والتعاليم الإسلاميّة للمعلّم، وتواضع الطالب أمامه. إنّ هذا الأمر مطلوب. مع العلم أنّ الإسلام لا يقبل لأيّ إنسان أن يعتبر نفسه صغيرًا وحقيرًا أمام إنسان آخر، إلّا أنّ هذا الأمر هنا من الحالات الاستثنائيّة.
ما يؤسَف له أنّ الموجود في ثقافة العالم المادّي عكس ذلك، حيث لا يرى هذا الأمر على الإطلاق، أي إنّ الثقافة التي اقتبسناها من الأوروبيّين، لا وجود فيها لاحترام المعلّم. لا نقول إنّهم كتبوا في كتبهم أن لا تحترموا المعلّم، بل لم يُلحظ في الثقافة الغربيّة عادة احترام المعلّم والتربية عليها12!
التعامل مع الجميع بمحبّة:
... حاولوا أن تحبّوا الجميع، هذا تكليف وتعليم إسلامي، ليس هذا بالأمر السيّئ. لا يجب إيجاد المبرّر للعداء، وأن يقوم الشخص بإخراج آخر من لائحة محبّته لمبرّرات معيّنة، لا! إنّ أجواء المجتمع الإسلامي، هي أجواء المحبّة حتّى لو كنتم لا تعرفون الشخص13.
التعامل مع العقائد والقيود الاجتماعيّة الخاطئة:
قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾14.
جعل الله تعالى وضع الإصر والأغلال عن أعناق البشر واحدة من خصوصيّات الرسول - الإصر تعني الالتزامات المفروضة على الإنسان - وهذا مفهوم واسع جدًّا وعجيب. لو أخذنا بعين الاعتبار وضع المجتمع الديني وغير الديني في تلك المرحلة، ستجدون أنّ هذا "الإصر" - الالتزامات والعقود المفروضة على الإنسان - يشتمل على الكثير من العقائد الباطلة والخرافيّة والكثير من القيود الاجتماعيّة الخاطئة التي فرضتها على الناس أيدي الاستبداد أو التحريف. "الأغلال" واضح وهو الغل والسلاسل15.
درس الحرب
الأهداف والدوافع:
إنّ كافّة حروب النبيّ كانت حروبًا دفاعيّة. هذا لا يعني أنّه في كافّة العمليّات كان يجلس، ليأتوا ويهجموا عليه! لا، الدفاع بهذا المعنى ليس صحيحًا. لو لم يتسلّح الرسول، لو لم يستعدّ، لولا ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ﴾16، لتمّ القضاء من الأيّام الأولى على الإسلام والقرآن والرسول والمجتمع الإسلامي، لذلك كان الرسول مجبَرًا على الحرب17.
الأصول التي يجب مراعاتها في الحرب:
من جملة وصايا الرسول في ساحة الحرب، للأشخاص الذين كانوا يذهبون للحرب، الرحمة بالنساء والأطفال، والشهامة في التعامل مع جنود العدوّ، وعدم قطع الماء عنهم، وعدم منعهم من الطعام، وقبول استسلام البعض، وقبول من ادّعى الإسلام حتّى لو كان الأمر في أوج المعركة، أي الابتعاد بالكامل عن حالة الانتقام والخشونة. كان الكفّار الذين لا يشعرون بخصومة وعداء مع الرسول، يأتون إليه، فكان عطوفًا رحيمًا معهم إلى مستوى أنّهم كان يخجَلُون من ذلك18.
... لقد وصل رسول الله هذه القلوب بعضها ببعض وأخرج منها مجموعة واحدة مُحكَمة. حتّى إنّ أعداء الإسلام من المؤرّخين الذين تبانوا على الغفلة عن التأثيرات المعنويّة في فتوحات الإسلام - سواء العرب أو الأوروبييّن الذين كتبوا تاريخ الإسلام وتاريخ الحضارة الإسلاميّة - لم يتمكّنوا من إنكار هذه المسألة، وهي أنّ المسلمين كانوا كاليد الواحدة التي فيها عدد من الأصابع يتحرّكون ويعملون كقبضة واحدة وعنصر واحد، كانوا كالعنصر الواحد الذي لا يقبل التفكيك كما تتحدّث الآية الشريفة: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾19. كأنّهم إذا أرادوا إحكام قاعدة، وضعوا الرصاص على الأساس عند ذلك لا يمكن أن تهتزّ. كان يظهر هكذا بنيان في ساحات الحرب ومواجهة العدوّ، لذلك كان النصر حليفه من دون استثناء20.
كان رسول الله قائدًا عسكريًا. وكان التنظيم العسكري في القديم يقتضي وضع القائد في مكان ليبقى بعيدًا عن الخطر. السبب في ذلك واضح، وفيه وجه معقول ومنطقي، فلو كان القائد في المقدمة ثم قُتل، عند ذلك يضطرب الجهاز العسكري بأكمله، وأمّا إذا كان في الخلف كان بإمكانه الاستمرار في المعركة حتّى لو قُتل نصف الجنود، وعلى الأقلّ بإمكانه الانسحاب والنجاة، ولكن عندما يُقتل القائد، لا تختلط الأمور فحسب، بل قد تكون الخسائر أكبر. أمّا رسول الله الذي كان يتمتّع بقوى غيبيّة فوق المعتاد، فكان يتقدّم الجميع، ليحارب عندما يصبح الأمر صعبًا وعندما يبدأ العدوّ هجومًا كبيرًا، وعندما لا يبقى باستطاعة المقرّبين أمثال أمير المؤمنين والحمزة والآخرين التحمّل والمقاومة فيلجؤون إليه21.
كيفيّة قبول الصلح:
في العام السادس للهجرة توجّه الرسول نحو مكة. لقد وعد الله تعالى رسوله بدخول مكّة وقام الرسول بدوره بإخبار الناس بذلك. جاء المسلمون على أساس أنّهم سيدخلون مكة. تجمّع الأعداء في مكانٍ يُسمّى "الحديبيّة" ومنعوهم من الحركة. أرادوا قتل المسلمين وإزالتهم بالكامل، إلّا أنّ الله تعالى حفظ المسلمين وحفظ عباده وانتهت القضيّة بكتابة صلح عُرِف بـ"صلح الحديبية". عندما كانوا يكتبون معاهدة الصلح، طلب الرسول من أمير المؤمنين أن يكتب بعد اسم محمد، كلمة "رسول الله". اعترضوا وقالوا: نحن لا نعتقد بأنّك رسول الله. وافق الرسول وطلب من أمير المؤمنين إزالة هذه الكلمة. تحدّث أمير المؤمنين إلى الرسول بأنّ قلبه لا يسمح له بإزاله هذه الكلمة، فبادر بنفسه إلى ذلك، حيث بدأ الرسول معاهدة الصلح هذه بعبارة "بسم الله الرحمن الرحيم"، التي تمثّل شعارًا إسلاميًّا. اعترض الكفار بأنّهم لا يعرفون الرحمن الذي يتحدّث عنه وطلبوا منه الشروع بعبارة "بسمك اللّهم" وهو الشعار الذي كان يستخدمه المشركون وكفّار قريش. فوافق الرسول على تدوين عبارة "بسم الله". تعجّب المسلمون ممّا آلت إليه الأمور وارتفع ضجيج بعض المسلمين الذين خاطبوا الرسول: ماذا تفعل؟ ألَسنَا على الحقّ؟ أليسوا هم على الباطل؟ ووصلت الأمور عند أحد المسلمين المعروفين ليقول بأنّه في ذاك اليوم أخذه الشكّ في نبوّة الرسول! هل تعرفون العبارات التي تحدّث بها القرآن الكريم حول هذه الحادثة؟ الآيات الأولى في سورة "الفتح" التي تقول: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينً﴾22، تشير إلى هذا الصلح. إنّ الفتح المبين الذي تحدّث عنه القرآن، هو صلح الحديبيّة، وليس حروب بدر وحنين وأُحد والأحزاب. في الحروب قبل صلح الحديبية، كان الرسول في مكان فاتحًا مطلقًا - كبدر- وفي مكان آخر تعرّض لانتكاسة - كأحد - وفي مكان ثالث قد حوصر - كالأحزاب - وانتهى الأمر في مكان آخر إلى الموادعة23، كما في بعض الحروب الأخرى. إنّ صلح الحديبيّة لم يجعل شعار حرب "بدر" و"أُحد" شعارًا خاطئًا على الإطلاق إذ أنّ الرسول لم يتراجع عن شعار الحرب مع الكفّار والمشركين، ولم يغيّر موقفه، إلّا أنّ المصلحة ذاك اليوم كانت ما حصل، كما كانت المصلحة في "بدر" ما حصل، وكذلك في "أُحد" و"الأحزاب"، هذه هي الجذور التاريخيّة لهذا العمل. تلاحظون أنّ كل شيء في تاريخ الإسلام، ينطبق على نظامٍ منطقي وواضح وفي مكانه24.
أسلوب التعامل مع المنهزمين والأسرى:
كانوا يأتون إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ببعض المسيحيّين الذين يتمّ أسرهم في بعض الحروب - سواء من القبائل العربيّة أو غير العربيّة - حيث كانوا يتأثّرون بأخلاق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما يدفعهم إلى دخول الإسلام، وقبول دين الرسول، هذه هي ليونة وعطف النبيّ25.
تنتهي الحروب إلّا أنّ التجارب تبقى. الأحداث الكبيرة تحمل دروسًا للبشريّة وسيبقى هذا الدرس في صدور وأذهان البشريّة وهو أنّ حضارة، رغم مع كلّ ما فيها ومع كلّ ادّعاءاتها، خرجت مهزومة من ساحة الامتحان من خلال الأعمال التي يمارسها هؤلاء (الأمريكيون)، من إشعال الحروب والظلم وعدم العدالة والغرور والسلوكيّات غير العاقلة. ومن أبرز تجارب هذه الحضارة، إشعال الحروب، تهديد السلام، قتل الأبرياء، صرف رساميل طائلة على الحروب تحت مبرّرات لا يمكن الوثوق بها. قارنوا بين هذه وبين الحضارة الإسلاميّة عندما فتح المسلمون المناطق الغربيّة في العالم الإسلامي- أي مناطق الروم وسوريا اليوم - في زمان الخلفاء الراشدين، حيث تعاملوا مع اليهود والمسحيّين بأسلوب جعل الكثيرين منهم يتوجّهون نحو الإسلام. وفي بلدنا إيران استسلم الكثير من الناس من دون مقاومة! لأنّهم شاهدوا مروءة ورحمة ومداراة المسلمين للأعداء، لذلك جاءوا بأنفسهم إلى الإسلام. يذكر التاريخ أنّه عندما دخل المسلمون "روما"، كان اليهود يردّدون عبارة: "والتوراة"، قسمًا بالتوراة إنّنا لم نرى يومًا جميلًا في حياتنا كهذا اليوم26.
درس العزّة
كان العلم لدى الرسول مترافقًا مع الأخلاق، الحكومة مع الحكمة، عبادة الله مع خدمة الخلق، الجهاد مع الرحمة، عشق الله مع عشق مخلوقاته، العزّة مع التواضع، التدبير اليومي مع بُعْد الرؤية، الصداقة مع العمق السياسي، استغراق الروح بذكر الله مع الاهتمام بما هو في مصلحة وسلامة البدن. كانت الدنيا والآخرة مترافقتان والأهداف الإلهيّة المتعالية مع الأهداف البشريّة الجذّابة كذلك27.
درس التعليم
ليس المسلمون وحدهم من كان يستفيد من التعاليم النبويّة. إنّ المعرفة المعاصرة في الدنيا، والحضارة المعاصرة، والمعرفة الموجودة اليوم في هذا العالم وتطوّر القافلة البشريّة، كلّ ذلك مرهونٌ لوجوده. إنّ هذا المعنى ليس ادّعاؤنا نحن المسلمون. إنّ كافّة المؤرّخين والمنصفين من الأشخاص يوافقون على أنّ ظهور الصحوة (النهضة) العلميّة في العالم الإسلامي، ساهمت في انتقالها إلى الأماكن الأخرى عن طريق التبادل وحتّى عن طريق الفتوحات والحروب28.
درس الرحمة والكرامة
يمكن تشبيه الرسول الأكرم بأكثر النجوم تلألؤًا في كائنات عالم الوجود والإشارة إلى ذاك الوجود العظيم والمقدّس بهذا العنوان. لماذا نقول النجم المتلألئ ولا نقول الشمس؟ لأنّ الشمس جسم وجرم مشخّص ومعيّن، مضيئة وذات عظمة، إلّا أنّها جرم وكرة سماويّة، في النجوم التي تشاهدونها، هناك نجوم تشكّل مجرّة، أكبر آلاف المرّات من المجرّات التي نراها فوق رؤوسنا في السماء ليالي الصيف. المجرّة أي المجموعة التي تحتوي على آلاف النجوم والآلاف من الشموس. إنّ وجود الرسول شبيه بوجود المجرّة وفيه آلاف النقاط المضيئة بالفضيلة.
درس الوحدة
باشر الرسول عمله بمجرّد دخوله المدينة، فبنى مسجدًا، ثم خطّط لإدارة وسياسة ذاك النظام، قد لا يتمّ الالتفات لو نظر الإنسان إلى كلّ واقعة على حدة، (لذلك) يجب أن يدقّق ويشاهد كيفيّة تنظيم العمل، كيف جرى القيام بكافّة هذه الأعمال، بأسلوبٍ يدلّ على التدبير والوعي والحساب الصحيح.
في البداية، تمّ إرساء الوحدة. لم يكن أهل المدينة قد أسلموا بأجمعهم، أكثرهم دخل الإسلام والبعض القليل بقي غير مسلم. فأوجد الرسول الأكرم ميثاقًا جماعيًّا عامًّا.
... الحركة الأخرى التي قام بها الرسول، هي إيجاد الأخوّة. من أهم المصائب التي ابتلى بها المجتمع العربي المتعصّب والجاهلي في ذاك الزمان، الأرستقراطيّة، والعصبيّات الخرافيّة، والغرور القبلي، وانفصال طبقات الناس المختلفة بعضها عن بعض. عندما دعا الرسول إلى الوحدة، فقد داس على ذلك كلّه29.
أفضليّة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه في أوج عالم الخلق من ناحية الشخصيّة، سواء في تلك الأبعاد التي يمكن للبشر فهمها، أمثال المعايير الإنسانيّة المتعالية: العقل، والتدبير، والوعي، والكرم، والرحمة، والعفو، والقاطعيّة والأمور الأخرى من هذا القبيل، أم في الأبعاد التي لا تحيط بها الأذهان البشريّة: الأبعاد التي تبيّن تجلّي الاسم الأعظم للحقّ في وجود الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ومقام قرب الرسول من الله تعالى، وهي الأمور التي نسمع عنها ونعلمها بالاسم والشكل فقط، أمّا حقيقتها فهي معلومة لله تعالى والأولياء العظام، كذلك رسالة ذاك العظيم التي هي أسمى رسالة وأهمّها لسعادة الإنسان، رسالة التوحيد، رسالة الارتقاء بالمرتبة الإنسانيّة30.
* كتاب الشخصية القيادية لرسول الإسلام محمد (ص) في فكر الإمام الخامنئي دام ظله، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- خطبتا صلاة الجمعة في طهران (18/2/1377)(8/5/1998).
2- كان إذا آوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزءٌ لله عزّ وجلّ، وجزءٌ لأهله وجزءٌ لنفسه، ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس، فيرد ذلك على العامة والخاصة ولا يدخر منه شيئًا. فكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم وأصلح الأمة. (الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق، ص 13). وكان يخصف النعل ويرقع الثوب ويفتح الباب ويحلب الشاة ويعقل البعير فيحلبها ويطحن مع الخادم إذا أعيا... (العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 16، ص 227).
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل كل الأصناف من الطعام وكان يأكل ما أحل الله له مع أهله وخدمه إذا أكلوا ومع من يدعوه من المسلمين على الأرض وعلى ما أكلوا عليه، ومما أكلوا إلا أن ينزل بهم ضيف فيأكل مع ضيفه وكان أحب الطعام إليه ما كان على ضفف. (الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق، ص 26).
3- سورة النور، الآية 63.
4- مسلم النيسابوري، أبو الحسن مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، دار الفكر، بيروت لبنان، ج 1، ص 133.
5- من كلامه في مركز التوحيد (10/8/1365)(1/11/1986).
6- خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/7/1368) (20/10/1989).
7- خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/2/1380)(18/5/2001).
8- خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/2/1380)(18/5/2001).
9- سورة آل عمران، الآية 159.
10- سورة آل عمران، الآية 159.
11- من كلام له في لقاء قادة القوة البحرية في الحرس (5/2/1377)(25/4/1998).
12- من كلام له في لقاء وزير التربية والتعليم والمعلمين النموذجيين (12/2/1370)(2/5/1991).
13- خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/7/1368)(20/10/1989).
14- سورة الأعراف، الآية 157.
15- من كلام له في جمع طلاب جامعة تربيت مدرس (12/6/1377)(3/9/1998).
16- سورة الأنفال، الآية 60.
17- من كلام له في معسكر الإمام الحسين (30/3/1363)(19/6/1984) عليه السلام.
*صحيفة الإمام، ج 10، ص 106: إذا نظرنا إلى عهد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وخلافة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، نجد أنّ حروبًا كثيرة حدثت وكلها كانت تربية للمجتمع وتهذيبه. فلقد خاض رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم حروبًا متعددة وخسر بعضها لكن مبدأه لم يُهزم وكان محفوظًا.
18- كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد أن يبعث سرية بعثها أول النهار وفي الكافي: بإسناده عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام: أن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إذا بعث بسرية دعا لها وفي قرب الإسناد: عن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا وجه جيشًا فأمّهم أمير بعث معه من ثقاته من يتجسس له خبره. وفي الكافي: بإسناده عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا بعث أميرًا له سرية أمره بتقوى الله عزّ وجلّ في خاصة نفسه، ثم في أصحابه عامة، ثم يقول: "قاتلوا الكفّار بسم الله وفي سبيل الله، ولا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا، ولا متبتلًا في شاهق، ولا تحرقوا النخل، ولا تغرقوه بالماء، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تحرقوا زرعًا لأنّكم لا تدرون، لعلكم تحتاجون إليه، ولا تعقروا من البهائم مما يؤكل لحمه إلّا ما لا بدا لكم من أكله، وإذا لقيتم عدوًا للمسلمين فادعوهم إلى إحدى ثلاث، فإن هم أجابوكم إليها فاقبلوا منهم وكفوا عنهم (العلامة الطباطبائي، سنن النبيّ، ص 84 86).
19- سورة الصف، الآية 4.
20- من كلام له في مركز التوحيد (10/8/1365)(1/11/1986).
21- من كلام له في مركز التوحيد (10/8/1365)(1/11/1986).
22- سورة الفتح، الآية 1.
23- أو المتاركة.
24- خطبتا صلاة الجمعة في طهران (31/4/1367)(22/7/1988).
25- من كلام له في مركز التوحيد (10/8/1365)(1/11/1986).
26- من كلام له في لقاء مسؤولي النظام (23/7/1380)(15/10/2001).
27- من كلام له في جمع زوار الحرم الرضوي (1/1/1385) (21/3/2006).
28- من كلام له في جمع زوار الحرم الرضوي (10/4/1378)(1/7/1999).
29- من كلامٍ له في لقاء مسؤولي النظام (31-2-1379) (20-5-2000).
30- من كلامٍ له في لقاء مسؤولي النظام (31-2-1379) (20-5-2000)
2- كان إذا آوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزءٌ لله عزّ وجلّ، وجزءٌ لأهله وجزءٌ لنفسه، ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس، فيرد ذلك على العامة والخاصة ولا يدخر منه شيئًا. فكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم وأصلح الأمة. (الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق، ص 13). وكان يخصف النعل ويرقع الثوب ويفتح الباب ويحلب الشاة ويعقل البعير فيحلبها ويطحن مع الخادم إذا أعيا... (العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 16، ص 227).
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل كل الأصناف من الطعام وكان يأكل ما أحل الله له مع أهله وخدمه إذا أكلوا ومع من يدعوه من المسلمين على الأرض وعلى ما أكلوا عليه، ومما أكلوا إلا أن ينزل بهم ضيف فيأكل مع ضيفه وكان أحب الطعام إليه ما كان على ضفف. (الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق، ص 26).
3- سورة النور، الآية 63.
4- مسلم النيسابوري، أبو الحسن مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، دار الفكر، بيروت لبنان، ج 1، ص 133.
5- من كلامه في مركز التوحيد (10/8/1365)(1/11/1986).
6- خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/7/1368) (20/10/1989).
7- خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/2/1380)(18/5/2001).
8- خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/2/1380)(18/5/2001).
9- سورة آل عمران، الآية 159.
10- سورة آل عمران، الآية 159.
11- من كلام له في لقاء قادة القوة البحرية في الحرس (5/2/1377)(25/4/1998).
12- من كلام له في لقاء وزير التربية والتعليم والمعلمين النموذجيين (12/2/1370)(2/5/1991).
13- خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/7/1368)(20/10/1989).
14- سورة الأعراف، الآية 157.
15- من كلام له في جمع طلاب جامعة تربيت مدرس (12/6/1377)(3/9/1998).
16- سورة الأنفال، الآية 60.
17- من كلام له في معسكر الإمام الحسين (30/3/1363)(19/6/1984) عليه السلام.
*صحيفة الإمام، ج 10، ص 106: إذا نظرنا إلى عهد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وخلافة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، نجد أنّ حروبًا كثيرة حدثت وكلها كانت تربية للمجتمع وتهذيبه. فلقد خاض رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم حروبًا متعددة وخسر بعضها لكن مبدأه لم يُهزم وكان محفوظًا.
18- كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد أن يبعث سرية بعثها أول النهار وفي الكافي: بإسناده عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام: أن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إذا بعث بسرية دعا لها وفي قرب الإسناد: عن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا وجه جيشًا فأمّهم أمير بعث معه من ثقاته من يتجسس له خبره. وفي الكافي: بإسناده عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا بعث أميرًا له سرية أمره بتقوى الله عزّ وجلّ في خاصة نفسه، ثم في أصحابه عامة، ثم يقول: "قاتلوا الكفّار بسم الله وفي سبيل الله، ولا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا، ولا متبتلًا في شاهق، ولا تحرقوا النخل، ولا تغرقوه بالماء، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تحرقوا زرعًا لأنّكم لا تدرون، لعلكم تحتاجون إليه، ولا تعقروا من البهائم مما يؤكل لحمه إلّا ما لا بدا لكم من أكله، وإذا لقيتم عدوًا للمسلمين فادعوهم إلى إحدى ثلاث، فإن هم أجابوكم إليها فاقبلوا منهم وكفوا عنهم (العلامة الطباطبائي، سنن النبيّ، ص 84 86).
19- سورة الصف، الآية 4.
20- من كلام له في مركز التوحيد (10/8/1365)(1/11/1986).
21- من كلام له في مركز التوحيد (10/8/1365)(1/11/1986).
22- سورة الفتح، الآية 1.
23- أو المتاركة.
24- خطبتا صلاة الجمعة في طهران (31/4/1367)(22/7/1988).
25- من كلام له في مركز التوحيد (10/8/1365)(1/11/1986).
26- من كلام له في لقاء مسؤولي النظام (23/7/1380)(15/10/2001).
27- من كلام له في جمع زوار الحرم الرضوي (1/1/1385) (21/3/2006).
28- من كلام له في جمع زوار الحرم الرضوي (10/4/1378)(1/7/1999).
29- من كلامٍ له في لقاء مسؤولي النظام (31-2-1379) (20-5-2000).
30- من كلامٍ له في لقاء مسؤولي النظام (31-2-1379) (20-5-2000)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق